رواية لم يكن مجرد حلم الفصل الحادي عشر 11 قاتل .. دون ان يعلم ! _
دخلت نجوان لـ المنزل بعدما فتحت الباب عن طريق المفتاح الخاص بها ، فهي تملك نسخة من مفاتيح المنزل ، توجهت نحو الطاولة التي كانت تقبع بالقرب من مكتب نور الدين ، اخذت الهاتف من عليه وكادت تغادر دون ان تخبر احدا بوجودها كي لا تزعجهم
لكن لفت انتباهها صوت همسات تعلو من غرفة مكتب نور الدين ، اقتربت بفضول فعلقت بأسماعها جملة
” فكرة ان ابن اخويا قاتل وانا عارفة ومدارية عليه مش مخلياني انام يانور…”
قبل ان تأتي نجوان لـ المنزل بثمانٍ دقائق ..
حدث هذا..
طرقت نيرمين باب غرفة مكتب نور الدين ودخلت ، نظر لها نور الدين بتعجب سائلا:-
_انتي لسة صاحية ياعمتي !
اغلقت الباب خلفها واندفعت نحوه وهي تقول بعيون مرهقة وملامح مشدودة اثر التعب النفسي الذي تعاني منه:-
_مش عارفة انام يانور
نهض عن مقعده وتوجه نحوها ، اخذها وتوجه بها لاريكة توجد بالمكتب و:-
_مش عارفة تنامي لية ياعمتي ، تعبانة ؟
قالها باهتمام بيّن ، فهو يحب عمته حبا جما ، هي من اهتمت به وبشقيقه منذ وفاة والديهم ، واعتبرتهم كـ ابناءها
قالت هي:-
_مش تعبانة جسديا يانور الدين لكن تعبانة نفسيا
رمقته بنظرة ذات معني مكملة:-
_انت عارف انا اقصد اية
كاد ينهض وهو يقول:-
_عمتي لو سمحتي بلاش الكلام دا علشان….
امسكت يده واجسلته عنوا مرة اخري علي الاريكة ، تنهدت عاليا قبل ان يخرج صوتها:-
_محدش هيسمع ، سراج برة ونجوان مشيت ، الخدامة انهاردة اجازة ، سيبني اتكلم يمكن ارتاح
تنهد بتعب وصمت ، منتظرا ان يستمع لها ربما الحديث يريحها
نيرمين:-
_نور .. تأنيب الضمير هيقتلني ، فكرة ان ابن اخويا قاتل وانا عارفة ومدارية عليه مش مخلياني انام يانور
بدأت ملامح تأخذ منحني اخر متجمد ، بينما اكملت هي متجاهلة تغيراته:-
_روح انسان بسببي مش واخدة حقها ، بتتعذب بسبب سكوتي
صاح بضيق:-
_عمتي ، سراج مش قاتل
قالت بعناد وهي تنهض عن الاريكة:-
_لا قاتل ، انت شوفت بعينك جثة الواد اللي خبطة اخوك ، انا كمان سمعت صوته لما كلمك و بيصرخ ، مش معني انه نسي كل حاجة بسبب الخمرة اللي كان شاربها تبقي الحكاية خلصت و محصلتش ، اخوك قاتل يانور
قال بعناد مماثل لها لكنه يدافع عن الباطل:-
_هو مش قاتل هو مكنش في وعيه
نيرمين بنظرات تحدي .. قوية:-
_لما هو مكنش في وعيه ، ولو كانت الشرطة عرفت كدا كان الحكم هيتخفف عليه ، لية سكت وداريت عليه ! لية بعت العربية بتاريخ قديم ! لية كلمت صاحب المحل اللي معندوش ضمير زيي وزيك اللي كاميرته صورت الحادثة وخلته يخدشش دقايق الحادثة ، لية عملت كدا يانور…؟؟
نظر لها مجيبا عليها بقوة وهو ينهض عن الاريكة ايضا ويقف امامها:-
_علشان مدمرش مستقبله ، علشان محدش يقول دا رد سجون ، علشان حتي لو كان اتسجن اللي ميت دا مكنش هيرجع ، علشان مقدرش اشوف اخويا مكسور ياعمتي او زعلان ، انا عملت كدا ولو رجعت بيا الايام هعمل اكتر من كدا ، انا عندي استعداد مش بس اخفي جرايم لا كمان ارتكب جرايم بس سراج يبقي بخير ، سراج ميضّرش ومقابل كدا انا اهـد الدنيا لو بأيدي ياعمتي
نيرمين بدموع:-
_اخوك بدأت الحقايق تظهر قدامه ، لو في يوم عرف الحقيقة مش هيسامحك صدقني ، سراج ميقبلش يعيش وعلي كتفه دم حد ، خلينا نسلمه يانـور
صاح بغضب وهو يبتعد عنها كي لا يتهور ويفتعل فيها سوءا:-
_مش هسلم حد ، طول ما انا فيا نفس مش هخلي الحكاية تظهر ، انا لما بشوفه بيعاني في كوابيسه قلبي بيتعب بس دا ارحم ليا من اني اشوفه في السجن ، انا مش هدمر حياته ابدا
صمت واقترب منها يقول بعيون تخرج منها شرارات الغضب وحبه الجنوني لـ اخيه:-
_ابدا ياعمتي .. فاهمة
اؤمات بنعم وتنهدت بقلة حيرة ، ستعيش ابد الضهر واكتافها تعلوها الذنوب
شعرت نجوان بأقتراب اقدام من الباب فأتجهت بسرعة نحو الخارج ، اغلقت الباب خلفها ببطء شديد
ثم استندت بجسدها علي الجدار تبكي بقوة
ابن عمها الاصغر قاتل .. اذن هذا سبب كوابيسه ، سبب حزنه ، ضميره يأنبه ويوجعه دون ان يعلم
الذي يضحك في الموضوع انه … قاتل دون ان يعلم !
لكن من يستحق العقاب ليس هو ، سراج لو كان يعرف الحقيقة كان لـ سلم نفسه فورا ، هي تعلمه جيدا
من يستحق العقاب هو نور الدين ثم والدتها
لانهم صامتون عن الحق والحقيقة
والصامت عن الحق شيطانا اخرس….
****
بـ احدي الكافيهات الشبابية ..
اجتمع سراج بأصدقاءه اخيرا ، بعد فترة طويلة من الغياب ، فـ انشغاله بـ هانيا جعله يتناساهم قليلا من الوقت
كان هو المتحدث والمبتسم الوحيد ، هم فقط بقوا ينظرون له بضيق ، عندما مل من صمتهم قال بنزق:-
_في اية ياشباب مالكم ساكتين لية كدا !
ماجد بسخرية:-
_مفيش بنسمع لـ البية اللي غايب بقاله شهور
اصابه الخجل منهم ، فهم لم يفترقا يوما ، الاربعة اصدقاء من الطفولة ربما من وقتها لم يتخاصما او يبتعدا ابدا ، وان تخاصما يتصالحا سريعا ، قال بحرج:-
_انا بـس…
قاطعه صوت كرم الساخر:-
_اتا مستحيل انساكم ياشباب
جاء ليرد .. قاطعه حديث معتز:-
_دا انتوا اللي في القلب ياشباب ، بس شكل هانيا هانم ملكت القلب كله
عندما جاءت سيرتها ابتسم تلقائيا ، فنظر له ماجد بتحفز و:-
_ولا متقلبليش علي قيس العاشق ياولا ، مش كل ما نجيب سيرتها تبتسملنا كدا
كرم بغيظ:-
_تعرف ، انا كرهتها بسببك
فـ فكرة ان فتاة ما اتت واخذت منهم واحدا من منتصفهم ، وفرقتهم عنه ، بسببها حدثت كثير من التغيرات ، جعلهم لا يطيقونها بمعني الكلمة ، هم الذين حاولوا بشتي الطرق ان لا تنقطع صلتهم ببعضهم ، تظل طرقهم سائرة في اتجاه واحدة ، وسائل الاتصالات لا تتغير ، تأتي فتاة وتبعثرهم !
كانوا يعلمون ان يوما ما سيبتعدون عن بعضهم البعض ، لكنهم لم يتوقعوا ان هذا اليوم سيأتي مبكرا هكذا ، كذلك لم يتقعوا ان يكون مؤلما هكذا عليهم
تنهد سراج وقال بصدق:-
_والله انا مش ناسيكم ، انا بس انشغلت شوية ، خطوبة بقي وبتاع
ثم حرك يده علي مؤخرة عنقه بحرج متابعا:-
_والحقيقة بقي انا جايلكم وقاصدكم في خدمة
طالعه بنظرات فضولية ، فقال:-
_الفرح فاضلة شهر ونص ، وانا لسة مجهزتش الشقة فشكلي هسيبها عليكم رغم اني عارف زوقكم الزبالة
بحرج مصطنع قال معتز:-
_شكرا يازوق
سأله كرم بتعجل:-
_انتوا مش هتعيشوا في الفيلا لية !
ماجد بأندفاع:-
_شكلها داخلة علي طمع وناوية تفرقك عن اخوك
طالعه بنظرات تأنيب فصمت ، كذلك رمقه الاخرين بتحذير ، شرح لهم سراج ما قالته له هانيا منذ قليل ، وانها تفكر بذلك كي لا تحرج اخاه وتضيق عليه بوجودها..
انتهي اخيرا من حديثه ، رمق كرم الاثنين الاخرين هاتفا:-
_لا ظلمناها ياشباب ، ما طلعت جدعة اهي !
ماجد:-
_برضوا انا مش مستريح ، علي العموم الايام بينا وهنشوف
فـ ماجد كما يذعن له نظرة صائبة بالناس ، عندما يراهم اما يشعر بالراحة اتجاههم اما لا
وعندما راي هانيا يوم الخطبة اصابه شعور بالضيق ناحيتها دون سبب
ظن سراج ان هذة المشاعر نتيجة لتحفزهم منها ، لانها سرقت صديقهم منهم كما يعتقد ، لذلك لم يضع حديثهم في محمل الجد ، اعتبره فقط مجرد حديث يعبرون فيه عن ضيقهم…
****
دخلت نجوان لـ المنزل بخطوات بطيئة مازالت اثار الصدمة تؤثر فيها ، رأها والدها الذي وضع اخر صحنا معدا بحرافية علي طاولة الطعام ، فقال باسما:-
_جيتي في وقتك ياناجو ، تعالي بسرعة علشان تاكلي قبل الاكل ما يبرد
كادت تعتذر منه لكنها رات ملامح السعادة والحماس المرتسمة علي وجهه ، فلم ترغب ان تحزنه ، ستتناول معه ثم تذهب لغرفتها
تبكي فيها وجعها ، صدمتها وحزنها
زفرت نفسا حارا ثم اقتربت من طاولة الطعام جلست عليها ، رسمت بسمة علي شفتيها وهي تنظر لـ الطعام المعد ببراعة ايضا رائحته كانت شهية و:-
_الله عليك ياحاج ، الاكل يفتح النفس والله
وبدأت تتناول منه بشراهة بالغة تخرج فيه حرقتها وصدمتها ، جلس علي مقعدا اخر ، ثم بقي يراقبها بحب
تلك هي الجوهرة الوحيدة التي فاز بيها بتلك الحياة ..
تلك اميرته وكل حياته ، لذلك دوما هو يعمل علي اسعادها وافراحها …
بعد قليل ..
جلست علي فراشها وبيدها قبعت صورة لها تجمعها مع والدتها ونور الدين ، نظرت لـ الاثنين بدموع كثيفة ، تراهم مذنبين رغم انهم ليسوا الفاعلين ، هم من اخطأوا بحق سراج وحق ذلك الفتي الذي اماته الله ، كم كانت منخدعة فيهم ، يظهرون الفضيلة ويخفون الرذيلة
بالفعل كم تخفي الثياب النظيفة الكثير من القاذورات
والبسمة البريئة الكثير من الشر
كذلك خلف الحنان يوجد الخبث ، لن تصدقهم بعد اليوم ابدا ، هم اذنبوا بحق الجميع ، هم مخطئين
لن تغفر لهم حتي يغفر الله لهم
لكن .. الله يغفر لعباده
اما هي فـ هي بشرا ، لا يغفر بسهولة ابدا…
هل ستصمت ؟!
هل ستصمت مثلهم عن الحق والحقيقة ؟!
ام .. ماذا ستفعل بحق الله !
****
فتحت باب سيارته ودخلت ببسمة بشوشة علي شفتيها ، اقتربت منه بأندفاع ثم قبلته علي وجنتيه بخفة ، ابتسم لها و:-
_صباح الخير علي احلي عيون
اجابته بصدق:-
_صباح الخير علي اجمل راجل في حياتي
اتسعت بسمته اتساعا كبيرا بعدما سمع مدحها ، بدأ بقيادة السيارة بسرعة متوسطة ، هو بدأ يقود السيارة بتلك السرعة منذ فترة ، انتبهت هي لهذا الفعل فسألت:-
_انت بتسوق براحة لية ! الاول كنت بتسوق بسرعة عالية جدا
_كل ما بسرع بتخيل حاجات غريبة ، دماغي اكتفت من التخيلات دي فقلت ابطأ وامري لله
اؤمات بتفهم ، فقال هو ضاحكا:-
_صح .. حاجة كمان تضاف لـ انجازاتك ، بطلت رهانات السرعة اللي كنت بعملها مع اصحابي واللي بسببها كسرت عربيات لما قولت بس ، نور الدين لو عرف اني بطلت الحكاية دي بالذات هيفضل يشكرك من هنا لبكرة
بالفعل تلك الرهانات هي سببا في خسارة نور الدين لكثير من السيارات لذلك السيارة التي كان يستخدمها سراج قبل هذة ، لم يغيرها بعد اول افساد حدث فيها ، بل امره بتصليحها فقام بتصليحها ، تلك هي السيارة الاولي التي عاشت معه الكثير من الوقت
لان نور الدين كان بالفعل غاضبا بسبب خسارتهم لاحدي السيارات الغالية التي كان يمتلكها قبل اؤلئك السيارتين
والتي فُسدت بواسطة الشغبي …. سـراج
دخلوا لـ النادي توجه كل منهم لـ القسم الخاص به لتبديل ملابسهم بعدها توجهوا لـ ساحة الركض ، راحوا يركضون كثيرا ، مر الوقت وهم يركضون معا احيانا بسرعة فائقة واحيانا بسرعة متوسطة
هو يري خيالات تظهر وتختفي ، هي تري تلك التي يظنها هو تخيلات بوضوح
اثر الفيديو الذي رأته مسبقا
انتهوا اخيرا من الركض ، قال وهو ينهج بقوة:-
_كفاية كدا ؟!
اؤمات بحسنا
عادوا لغرف الملابس ، غيروا ملابسهم ، ثم اجتمعوا اخيرا وجلس كل منهم علي مسندا يطل علي مياة المسبح الزرقاء ، اخرجت من حقيبتها كوبين من القهوة من ذلك النوع الذي يحتفظ بالسخونة
مـدت يدها له بواحدا قائلة:-
_قهوة عملتها لينا في البيت ، دوقها وقول رأيك
اخذها منها بحماس ، راح يرتشف منها بنهم ناظرته بنظرات غير مفهومة مبتسمة بخبث ، ثم سألته مدعية الاهتمام:-
_عجبتك ؟!
اؤما بنعم ناطقا:-
_فيها نكهة غريبة شوية بس مستحبة ، يعني مش وحشة
ابتسمت وهي ترتشف من قهوتها ولم ترد ، سألها هو فجاة بعدما كانا صامتين:-
_تصدقي اني مشفتش صور خالص لـ اهلك او اخوكي !
اجابته بنظرات غامضة لم يلاحظها:-
_هتشوفها ، اكيد هتشوفها في الوقت المناسب ، خاصة صورة اخويا….
****
مين يستاهل العقاب ؟
سراج ولا نور الدين ونيرمين !